.... الجزء الثاني
ومع مرور الوقت بدأت أفكر في الحكمة الحقيقية من تشريع الحجاب والغرض الأساسي منه، وقد ذكر لي بعض الأشخاص أنَّ أجمل شيء في المرأة هو وجهها، والحجاب إنَّما شرع ليغطي ما هو أكثر جمالاً وزينة حتى لا يكون هناك أي فتنة أو لفت لأنظار الرجال، لذلك لابد من تغطية الوجه، بعدها بدأ شعوري بعدم الرضا وبعدم الارتياح من كشفي لوجهي؛ خصوصاً أنَّ بعض الرجال يأتي ويحملق في وجهي وينظر إليَّ بطريقة مقززة، فقررت بعدها تغطية وجهي. وعندما فعلت هذه الخطوة شعرت بسعادة لا مثيل لها وشعرت أنَّ هناك حاجزاً بيني وبين الرجال، ولا أعلم كيف تتمنى بعض النساء الآن أن يكون العكس وهو كشف الوجه!!
هل التزمت بغطاء الوجه قبل أن تتزوجي أو بعد؟
لم أتزوج إلا بعد مدة من التزامي بالحجاب. وزوجي ولله الحمد طبيب سعودي ويساعدني على الخير كثيراً.
هل تلتزمين بغطاء الوجه يا جيني حتى عندما تسافرين؟
أؤمن بأنَّ الحجاب هو لباس إسلامي وليس لباساً خاصا ببلد معين كما يعتقده بعض الناس، وهذا ما يجب أن يعرفه ويعتقده بقلبه كل مسلم.. أنَّ الحجاب من الله وليس من عادات العرب. للأسف عندما نسافر إلى الخارج نرى تحرر كثير من المسلمات، ولا أنسى تلك المرأة المتحجبة في الطائرة عندما قامت من مقعدها وبعد فترة عادت وقد خلعت حجابها وكانت ترتدي بنطلوناً، وقد انتابتني الدهشة وقلت: ربَّما لا تكون هي المرأة نفسها! لولا عودتها لمقعدها ووجود أولادها أنفسهم. ومن الطريف أيضاً ما قالته لي إحدى الصديقات المسلمات من أنَّها لم تتمكن من ارتداء حجابها في إحدى المدن التي زارتها في الإجازة لأنَّهم هناك يكرهون المسلمين! .. حسنا؛ً لماذا تذهبين إلى هناك أصلاً؟!
هل حصل لك موقف ما عند سفرك بغطاء الوجه؟
عندما ذهبت إلى أمريكا أنا وزوجي قبل ثلاث سنوات ، وبينما نحن في الطريق إذ مرت بنا امرأة ورأتني بالحجاب فصرخت في زوجي: "إذا هي جميلة لماذا تغطي وجهها؟ا" ثم ذهبت، وحاولت أن ألحق بها لأوضح لها أنَّ ارتدائي للحجاب إنَّما كان بقناعتي لا غير، لكني لم أتمكن من اللحاق بها.
هل لك نشاطات في الدعوة وإسداء النصيحة لمن حولك؟
هذا واجبي وواجب كل مسلم ، وأنا أحاول ذلك بقدر استطاعتي.
هل تقومين بنصح المسلمات العرب بما أنك تجيدين اللغة العربية؟
نعم أحاول ، ومن المواقف الطريفة التي حصلت لي عندما كنت في مكة لأداء فريضة الحج رأيت امرأة ترتدي عباءة ضيقة جداً ومفصلة لجسمها فقلت لها بالعربية : "جسمك يبين.. العباءة لازم تكون واسعة". وكأنَّها تعجبت من لهجتي في الكلام فقالت مندهشة :أيش؟!
ما هو توجيهك لأولئك الذين يترددون في أمر الدعوة إلى الله أو إسداء النصيحة لمن حولهم؟
إنَّه من المهم جداً أن لا نخاف رفض الناس للنصيحة. وماذا عسى أن يقال لك سوى إن هذا ليس من اختصاصك، كما إنَّ الدعوة تشمل من عرفت ومن لم تعرف، من يعجبون ومن لا يعجبون، المسلمين وغير المسلمين سواء من عاملات أو سائقين أو أصحاب المحلات المجاورة وغيرهم.
حسناً يا جيني ما أمثل طريقة في نظرك لدعوة غير المسلمين؟
اعتقد أنَّ أهم شيء أن نظهر لهم اعتزازنا بهذا الدين، ودائماً إذا فعلت شيئاً أعجبهم، قولي لهم هذا من تعاليم الإسلام وأنَّ ديننا يحثنا على ذلك. فإنَّ هذا سيشرح صدورهم للإسلام.
وهناك تنبيه بسيط وهو أنَّ بعض المسلمين يسيء لغير المسلمين بحجة أنَّهم كفار، نقول: لابد من الإنصاف في المعاملة وعدم أذيتهم ولا أعني بذلك محبتهم ، بل أن تجعلي في قلوبهم مفتاحاً ليحبّوا الإسلام.
كما أننا لابد أن نعتني بالمسلمين من أي مكان في شرح أحكام الإسلام لهم فبعضهم يمارس الإسلام على وجه غير صحيح، ويمارسون كثيراً من البدع والأخطاء وقد تكون دعوتهم بالأشرطة والكتيبات أو من خلال مكاتب الدعوة، فوجودهم هنا نعمة من الله حتى يتعلموا الدين الصحيح ثم يذهبوا لتعليم أهلهم ومن حولهم في بلادهم.
كيف كان انطباعك تجاه ما رأيته من انحرافات بعض المسلمين؟
لقد أعطاني شخص نصيحة ثمينة وهي أن لا أنظر لأعمال المسلمين، وأن لا أتوقع دائماً أن أجد شخصيات مثالية تمثل الإسلام كما ينبغي، فالبشر يخطئون، لكن انظري لذات الإسلام حتى تعرفي حقيقته.
هل يمكن أن تعطينا مقارنة بين حياة المرأة هنا وبين حياتها في الغرب؟
أولاً أقول إنَّ كثيراً من المسلمين مخدوعون بالصورة الخارجية لحياة الغرب، ولكنها ليست الحياة الحقيقية لهم. ففي الغرب: المرأة لابد لها أن تعمل وليس لها خيار في ذلك. بينما الأمر هنا يختلف، فلا أحد يستطيع أن يجبر المرأة على العمل في الإسلام، ولا أحد يجبرها على أن تخرج من بيتها في سن الثامنة عشرة أو أقل لتتولى النفقة على نفسها.
كذلك المرأة في الغرب مسكينة فهي رُبَّما تكوّن علاقة مع صديق ولكن ما يلبث هذا الصديق أن يتركها في أي لحظة ويذهب لأخرى، فليس هناك عقد بينهما أو ما يجعله يرتبط بها حتى لو أنجبت منه طفلاً فإنه يتركها لتتولى هي رعايته والنفقة عليه وحدها. وللأسف بعض المسلمين الآن تعجبهم فكرة إنشاء علاقة غير مشروعة مع الجنس الآخر.
كذلك المرأة هناك ترتدي أي شيء سواء ضيق أو عار أو لا شيء، بلا قيم ولا مبادئ ولا احترام لنفسها أو من حولها، ولا أدري هل هي هذه الصورة التي تعجب كثيراً من المسلمات اليوم لاعتقادهن أنَّها من حرية المرأة؟!!
ما النصيحة التي تحبين أن توجهينها لأخواتك هنا؟
نصيحتي هي: أن تتمسك بالقرآن والسنة بدلاً من التمسك الخاطئ والمتشدد بالعادات والتقاليد، ومحاولة تطبيق السنة في كل حياتك من مأكل ومشرب وملبس فهذا هو النجاح الحقيقي. ولقد أعجبني كرم المسلمين هنا، لكن ضايقني موقف في إحدى العزائم عندما رأيت الفائض من الطعام، ورأيت كيف أنَّ الناس يأكلون بنهم فقلت: أين سنة الرسول e في عدم الإسراف، وأن يجعل الإنسان ثلثاً لطعامه وثلثاً لشرابه وثلثاً لنفسه؟!
وأنصح بطلب العلم الشرعي، وأقول: يا أخواتي إنَّ طلب العلم هنا في هذه البلاد من الأمور السهلة والميسرة فهناك الكتب والأشرطة والمحاضرات والتعلم في الدور والمساجد، أما عندنا هناك فحتى تحضري محاضرة لابد أن تسافري من ولاية إلى أخرى، وكذلك الكتب الدينية ليس من السهولة أن تتوفر في كل مكان وبهذه الكثرة.
أيضاً أقول: احذري من تضييع وقتك في مشاهدة الأفلام ، إذ إنَّها قد تقطع من وقتك ما يقارب الساعتين والثلاث ساعات وهذا الوقت لا يمكن إرجاعه مرة أخرى أو تعوضه بأي ثمن. وكذلك احذري من تضييعه في كثرة الذهاب إلى الأسواق والزيارات فأنت إذا ضيعت وقتك في ذلك فمتى تستغلين وقتك في الأعمال الصالحة ؟! فلابد أن تتعاملي مع يومك كآخر يوم لك .
أخيراً إياك أن تجعلي همك الدنيا سواء في اختيار الزوج أو العمل أو ما إلى ذلك فيكون اختيار الزوج مثلاً لوسامته أو غناه، ولكن اختاري الرجل التقي الذي يعاملك معاملة طيبة ويعينك على الخير ومن ثم - إن شاء الله - يأخذ بيدك إلى الجنة .