موقع الكمبيوتر الكفي
موقع الكمبيوتر الكفي

العودة   الكمبيوتر الكفي > المنتديات العامة > المنتدى العام
انظمة المنتدى التقييم التجاري التعليمات قاعة المؤتمرات محرك البحث

للتذكير فقط ....

رسالة وداع للجميع واعلان اغلاق الموقع
موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
قديم 02-09-2015, 08:04 PM   #1
عضو اساسي
 
الصورة الرمزية Nooruddeen
 
الرتبة الادارية: مشرف
تاريخ التسجيل: 11-04-2004
الدولة: KSA-المدينة
المشاركات: 16,058
مشاركات الشكر: 83,775
شكر 33,131 مرات في 10,195 مشاركات

الاوسمة التي حصل عليها

عَزّة تكتب قصتها وتجربتها (قصة واقعية)

بسم الله الرحمن الرحيم

عَزّة تكتب قصتها وتجربتها (قصة واقعية)


*****

قصتي أكتبها بقلمي
لقد جعلت من توبتي وشكر الله تعالى على شفائي أن أكتب قصتي كاملة ولا أنقص منها شيء لعل الله تعالى أن ينفع بها أخواتي في الإسلام.

أنا عزة ولدت من أبوين كريمين حظيت بالدلال من أبوي وتربيت على ما تتربى أترابي من الأسر المحافظة على الستر والحياء والإيمان والاهتمام بالدار الاخرة، درست وتفوقت في دراستي، أخذت الشهادة الجامعية من كلية شرعية، وتزوجت وأنجبت عددا من الأطفال، كنت أستحي أشد الحياء إذا لقيت رجلا أجنبيا، وكنت على تربية والدي لا أخرج إلى السوق وإنما والدي يشتري لنا جميع حاجاتنا، ثم تزوجت من رجل مستقيم محب للخير وبقيت على تربية والدي لا أكلم الرجال الأجانب ولا أخرج إلى الأسواق، وكنا نسمع تعليقا كثيرا من النساء علينا، فبدأنا نشعر بالضعف، وحينها أغرتني صاحبة لي بمدح الأسواق وأنها تعطيك فرصة في اختيار ما يتناسب معي، فعرضت الأمر على زوجي فما اقتنع ولم يقنعني ثم بدأت أمارس الضغط عليه حتى وافق على كره منه فخرجت لأول مرة وكان بجواري زوجي يكلم البائع ويساومه، ثم خرجت مرة بعد مرة معه، ثم بدأت أخرج مع أخي الصغير وكلمت الرجال بنفسي وكنت في البداية أرتجف من الحياء، ثم صرت أخرج إلى السوق كل ما زرت أهلي فزال الخوف مني وأصبحت أكلم الرجال بدون حياء، وكانت عامة خرجاتي إلى أسواق الملابس، ثم تمادى بي الأمر حتى بدأت أخرج إلى عامة الأسواق، أحيانا مع أخي وأحيانا مع ولدي الصغير، حتى صار عندي هوس في سباق التسوق ومتابعة الماركات، بدأ التدين عندي يضعف وأصبحت أسمع كلاما من بعض البائعين لا يليق بي ولكني كنت أكتمه عن زوجي وأبي، ثم صاحبت بعض الأخوات ممن على شاكلتي والطيور على أشباهها تقع، وأصبحت أتابع الموضات ثم الأكلات في الانترنت ونشأ عندي نهم في التواصل الافتراضي عبر الانترنت مع الآخرين، تعلق قلبي بالكماليات وما ينزل من جديد في الأسواق وأصبح عامة حديثي عن السلع والتسويق لها والثناء على بعضها وذم الآخر في كل اجتماعاتي مع الناس ومع أهلي وأسرتي وأخواتي، حتى طغى على جميع حياتي العامة والخاصة بل أثرت على عبادتي التي كنت حريصة عليها وصرت أؤخر صلاتي وأنقرها نقرا ولا أشعر براحة فيها البتة، سمعت يوما من الأيام القارئ يقرأ (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون) فقلت في نفسي والله لقد أصبحت حياتي عبثا ونسيت الآخرة، ثم لم ألبث أن نسيت وغفلت، وكانت هذه لمة ملك سرعان ما غفلت عنها مع زحمت الحياة والركض وراء الانترنت ومطالعة السلع، وذات يوم دخلت مطبخي الذي يقل طبخي فيه لكثرة طلباتي من المطاعم، فإذا المذياع يقرأ (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) تأثرت تأثر تلك الساعة وقلت في نفسي أين أنا من العبادة لقد تحولت إلى مروجة لسلع الكفار بالمجاني، وبدأت أحدث نفسي لو علمت بي الشركات العالمية التي أمدح سلعها في المجالس لكافؤوني، يا ألله كيف أصبحت أجيرة بالمجان أين عقلي أين علمي أين ذكائي، وفي هذه الأثناء وبينما أنا سادرة في لوم نفسي رن الجوال فإذا هي إحدى صويحباتي فانقطعت الخواطر، وأخذت بالحديث معها كعادتي عن السلع الجديدة والأكلات والطبخات وما ذا عملوا في العيد وما لبسوا وما أكلوا فغفلت ونسيت لمة الملك في التذكر، وعدت إلى حالتي الأولى ونسيت تلك الأحاديث التي حدثت بها نفسي.
في يوم الجمعة خرج زوجي إلى الصلاة ومعه ابني عمر، وبعد الصلاة سألني ابني إيش يا ماما الولاء والبراء والحب في الله والبغض في الله التي ذكرها لنا خطيب الجمعة؟

فشرحت له الموضوع على قدر فهمه ثم رجعت إلى نفسي وإذا ولائي لشر البرية للكفار وحبي العملي لهم حيث أقلدهم في لباسهم وأنشر موضاتهم وأتفاخر بها، بل وصل بي الأمر إلى الغمز والسخرية من اللباس المحتشم، وتذكرت أن من تشبه بقوم فهو منهم، وأني بحاجة إلى دراسة التوحيد من جديد للعمل والتطبيق إذ أن شرك الطاعة أصبح واضحا لدي فأنا أطيع غير الله ورسوله بل أهزأ وأتهكم بمن يتقيد بأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وتذكرت ما كنت أحفظه من أن الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك. وأن طاعتي أصبحت لسلع الغرب الكافر وقلبي متعلق بها وأصبحت الدنيا أكبر همي وتذكرت الحديث "من كانت الدنيا همه فرق الله عليه شمله وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له"
فإذا أنا قد وقعت وانطبق علي الحديث وأصبحت لا أبال إلا بحساب المال وما مقدار راتب الزوج وكيف أحتال على زوجي وآخذ من ماله وأنازعه وأخاصمه، وكيف أحتال على أبي وأظهر له الشكاية من قلة ما في يدي فإذا حصلت على المال بدأت أفكر كيف أبدده في السلع والكماليات، فاستغفرت ودعوت ربي وتوضأت وصليت ركعتين، وسول لي الشيطان أني أصحبت بهذه اللحظة من الصالحات وأن الله كفر ذنوبي السابقة بهذه اللحظات التي قضتها مع ربي. (ثم عدت إلى عادتي القديمة).

عدت أمارس نفس الموال الذي كنت فيه، وفتحت جبهة جديدة مع زوجي باسم الدين وصلة الرحم فبدأت أضغط عليه بأهمية زيارة أقاربي وأرحامي وإن رفض وتعذر أقول له كيف أقطع رحمي وأخاف من ربي، وأنا أكذب عليه فأنا لا أصل من أرحامي إلا من يماشيني على الخط الذي أنا عليه، والغريب أن زوجي لم ينتبه إلى أنني أقاطع بعض أخواتي وإخواني الذين لا يبتعدون عني إلا خطوات وأجلس الأشهر لم أرهم، بينما أزور بعض زوجات أخوالي أو أعمامي أو بناتهن، لأنها من نفس البشكة، فأصبح تواصلي مصلحي دنيوي فقط، لا أقدم للناس شيئا إلا وأنتظر منهم رد ما قدمت لهم بمثل ما فعلت أو أكثر من ذلك، وأصحبت الأخلاق الحسنة لا معنى لها عندي ، وأما مساعدة الآخرين بانتظار الأجر من الله تعالى فهذا ملغى من برامجي، أرى أن طاعتي لزوجي أو لوالدي بقدر ما يقدمون لي من مال، وعطايا.

أصبحت حياتي مع زوجي تحسب حسابات مادية في كل صغيرة وكبيرة (كم دفع وأين ذهب راتبه) بقيت أسأله عن أسفاره إن سكن في السفر مجاني حاسبته على مبلغ الإيجار الذي وفره وكيف أخرجه منه وإن استضيف في سفرة ولم ينفق فيها حسبت عليه المبلغ وكيف أخرجه منه. وإن ذهب زوجي في انتداب ولم يخبرني كم صرفوا له بحثت عنه من خلال الانترنت. وأصبحت مصدر إزعاج له في ماله وأمنعه من التواصل والنفقات على الأقارب وأقول له وش قدموا لنا أهلك حتى تهديهم وتعطيهم، وأسخر من الذين يتبرعون لأقاربهم وأقول له هذا يقال له كرم الكرم أن تعطي مالك لزوجتك وعيالك.

وأصبحت أتحدث مع صاحباتي ونقول: ليت الزوج يجي يأكل وينام ولا يتدخل بشيء ويحط سائق وخادمة.
ونتداول في حديثنا مسألة مساوات الرجل بالخروج من المنزل والسفر. ومن حق الزوجة السفر مثله ويجب تقول المرأة لزوجها أنا لست شغالة، وأن الرجل ما يكفي الطلب منه مرة واحد لازم الزن عليه وإدخال القلق والعنت حتى يكره كل شيء ويدفع للتخلص.

وكنا نحفظ حقوق الزوجة في كل المذاهب فنسرد صفحات من حقوقها . وحق الزوج نختزله بالفراش بس.
ونردد فيما بينن: ابنك على ما ربيته وزوجك على ما عودتيه.

وأن كل ما يخص الأولاد هو من تصرف الزوجة في التربية واللباس وأما الزوج ليس عليه إلا المصروف.
وأن على الزوجة مطالبة الزوج بمبلغ خاص كراتب دائم غير النفقة.

ونقول لكل امرأة نجالسها أهم شيء في الحياة راحتك ورغبتك ثم زوجك لأنه لو حققت مطالبه وتركت نفسك للأخير لن يلبي لك أي مطلب، أي شيء يدور في خاطرك لازم تحققينه حتى لو زعل زوجك مثل ما إنه هو يحقق ما يريد.

في يوم من الأيام بالصدفة حضرت اجتماعنا قريبة لإحدى صديقاتي فتأثرت بكلامنا فطبقت ما قلناه لها وصارت تطالب زوجها بكل ماتعلمته من جلستنا تلك ، وكان زوجها حازما هددها مرتين فلم ترعوي فطلقها وتفرق شمل عائلتها وانهدم بيتها بسببنا.

ومن العجائب أني كنت أبغض أحد إخواني لأنه ينصحني كثيرا ويتودد لي، وربما أهدى لي بعض الهدايا فكنت أفسرها بتفسيرات سيئة وأن له مقاصد أخرى، ولا أثق به مطلقا، بينما من يوافقني من إخواني على ماديتي أظهر المحبة له وأتصنع بأن له منزلة كبيرة عندي، وأتصنع لزوجته بالإكرام والاحترام.

ولا تتصوري أختي الكريمة أن معاملتي لمن يوافقني له معنى أو لذة في حياتي: فما عدت أجد للحياة معنى، ولم أعد أستمتع روحيا بالحياة الاجتماعية وأصبح تواصلي مع من يمدحني ويوافقني في هواي.

صار تديني دعوى وتقليدا وإرضاء لوالدي وإرضاء لزوجي المتدين، والتدين عندي أصبح عادة وليست عبادة ولذلك أفرح بالتفلت منه بأقرب حجة أو فرصة تتاح لي، وأصبحت في لباسي ولباس بناتي ومشاهدتي وقراءاتي في الجوال بما يوافق هواي لا بما يرضي ربي ، وأصبحت أحتج بمعصية أو خطأ وقع من أبي أو زوجي أو الشيخ الفلاني وأقول أنا مثلهم أعصي كما يعصون وما علينا شرهة إذا بنات الشيخ لا بسات أو عاصيات، أفرح بتنازل بعض المتدينات والقدوات في لباسهن وأقول نتطلع إلا أنهن يكونون مثلنا مدحدرات.

بل زدت ضلالا إلى ضلالي فكنت إذا التقيت ببنات لإحدى الأسر المحافظة ورأيت منهن التزاما تضايقت منه وربما طلبت منهن ترك هذا وقلت هذا تشدد ولا تحرمون أنفسكم من اللباس العاري وستتعقدون وتصابون بأمراض نفسية، (وأنا في الحقيقة المريضة نفسيا)
يا ألله لقد أصبحت مادية في كل أحوالي ما عادت لي مشاعر أشعر بلذة أو فرح أو سرور لا في حياتي الاجتماعية ولا في حياتي الزوجية، بل غدت حياتي مع زوجي طلبات ومحاسبه، وأحيان إذا لم أحصل على ما أريد لجأت إلى البكاء والتمثيل والتمارض وصياغة أفلام عليه.

وأصبحت ممن يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، جربت كل شيء وفعلت ما أريد تحقق لي كل ما أتطلع إليه من زوجي أو والدي برضا أو بالضغط والإتعاب والإيذاء.

تحولت شهواتي إلى امراض وأصبحت أحس بأرق وتعب نفسي وفراغ روحي يزادد مع الأيام وأحاول أن أخفيه بالانشغال بالخرجات والاجتماعات والأحاديث الجانبية عبر الجوال والانترنت، تطورت حالتي وبدأت أبكي بكاء شديدا في غرفتي حتى لا يراني أولادي، بحثت عن مرضي من خلال الانترنت ووجدت أن بعض أعراض الاكتئاب ينطبق علي فاشتريت دواء له بدون وصفة طبيب أو علم من زوجي، وأدمنت عليه أشهرا وما زادني إلا مرضا إلى مرضي، انقطعت عن صواحبي وعن الاجتماعات معهن، وإن حضرت فيظهر علي آثار التعب والكدر النفسي، أسررت بأمري إلى إحداهن فوصفت علاجا فسارعت إليه وتناولته فازداد مرضي، بدأ المرض يظهر علي على الرغم من محاولة إخفائه، فحاول زوجي التعرف على مرضي فكتمته، فشكى ذلك لأبي الذي ألزمني بمراجعت الطبيب النفسي وصرف لي دواء مناسبا فتحسنت حالي، وعدت إلى الانترنت وبدأت أقرأ في الطب النفسي والعلاج فغيرت دوائي بحجة أن الدواء السابق متعب لي ويسبب لي أزمات أخرى، فزاد مرضي واشتد علي وأصبحت أصرخ في البيت من غير سبب وأفزعت أولادي وزوجي، وبدأ زوجي يخرج بي إلى المصحات النفسية وكلما استقرت حالتي عدت لتغيير الدواء وطلبت مراجعة طبيب آخر، وإذا هدأت نفسي وتحسنت صحتي رجعت إلى عادتي الأولى بالإقبال على الدنيا والسؤال عن التكسب والوظائف بحجة مساعدة نفسي على شراء الدواء والتخفيف عن زوجي والحقيقة أنني كنت أحب كسبا ثابتا حتى أتمرد على زوجي وأهلي، مضيت في البـحث عن عمل أشهرا وزوجي يقنعني أن ما عنده يكفينا وزيادة.
كثرت نفرزتي على زوجي وأولادي وازدادت خصومتي لزوجي ثم زاد مرضي وصرت أضرب أولادي من غير سبب وأتصنع بذهاب عقلي من شدة الغضب فأفسد أثاث بيتي وصرت أصرخ بأعلى صوتي في البيت وأقلقت زوجي فلا ينام ولا يرتاح ولا يهنأ بعيش، وبدأ يسمع مني السب والكلام القبيح وأنه مقصر في حقي، وأنني حققت له كل ما يريد.

اجتمع زوجي مع أهلي وشكى إليهم ما يعانيه مني صحيحة أو مريضة، وتشاوروا في شأني وعذره أهلي وشكروا له صبره وتحمله، وبعد خروجه قالت أمي لي: تحدثنا فيما بيننا أنا وأبوك وإخوانك بأنه لو طلقك فهو معذور، فإنه لم يذق طعم الراحة معك لما كانت صحيحة فكيف أنت تعانين من أمراض نفسية مفجعة، وفعلا أرجعني زوجني إلى أهلي، وأخذ أولاده عنده فتعب أهلي مني وهموا أن يجعلوني في مصحة نفسية ليتخلصوا مني ومن ملاحقتي، وحين رأوا أن المصحات النفسية مكتظة بالناس جعلوني في جناح من الفلة وأغلقوا علي الباب ولا يفتحون بابه إلا في حالات هدوئي وسكوني، وصار الأمر بيني وبين أهلي سجالا مرة أغضب عليهم ولا أكلمهم في حالات هدوئي، ومرة أصرخ في وجوههم وأطالبهم بالذهاب إلى زوجي وأولادي، ومرة أحاول أن أقتل نفسي بأي شيء عندي، وحاولت مع أمي مرات أن آخذ علبة علاجي ولكنها ترفض خشية أن آخذها بجرعة واحدة وهكذا كانت نيتي، وبدأت أسيء الظن بربي وأعترض على قدره ليش أنا مريضة من بين الناس، وكأنني ليس لي يد في مرضي وكأنني كشفت على الناس كلهم ونسيت قوله تعالى: (قل هو من عند أنفسكم)
وفي يوم من الأيام أدركتني عناية الله تعالى فسمعت صوتا شجيا من قارئ للقرآن يقرأ قوله تعالى: (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور، سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله..)
فبكيت ثم بكيت وذهبت إلى فراشي أبكي وزاد بكائي ودعوت الله تعالى دعاء المضطر أن يمن علي بالتوبة والإنابة إليه وأن يفتح على قلبي وأن يرزقني طعم الإيمان ولذة المناجاة، وبقيت أبتهل إلى الله تعالى وأدعوه وأستغفره طوال اليوم وفي اليوم الثاني كذلك وأصبح عندي رغبة عجيبة في الصلاة فشعرت بانشراح صدري وتذكرت لما كنت في دراستي أن من علامة التوبة الصادقة معرفة الذنوب والتوبة منها واحدا واحدا، وما كان منها للخلق يجب إصلاح ما أفسدته وطلب سماحهم. ثم قمت وصليت صلاة الضحى قرب الظهر ووجدت لذة في صلاتي تصغر معها جميع لذات الدنيا حتى أنني لا أحب أن أنفتل من صلاتي وأخرج من مصلاي وكلما سلمت من ركعتين وجدت رغبة عارمة لصلاة ركتين، حتى أذن الظهر، فصليت راتبة الظهر ببكاء وأنين ثم صليت الفريضة كذلك، وحين بدأت بالأذكار بدأت التفكر بها وأصبتني قشعريرة حين عرفت معانيها ووقرت عظمة الله في قلبي وبدأت أكرر على نفسي، أتوب يارب أتوب يارب أللهم تب علي لأتوب، وبقيت في بكائي ومناجاتي لربي طوال اليوم والليلة ومن غد وفي ليلة اليوم الثالث، وبقيت على هذه الحال من اللذة في التعبد وكثرة الصلاة والدعاء والذكر ستة أشهر ثم رأيت من نفسي ميلا عظيما لكتابة أخطائي وذنوبي فأخذت القلم وبدأت بأخطائي مع زوجي فتذكرت التالي:
أن زوجي جنتي وناري وأن حبيبي ونبيي صلى الله عليه وسلم قال "لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها" ورأيت أنني أكثرت عليه بخروجي وأني كنت أعنف عليه في ذلك فتذكرت الحديث أن (المرأة عورة ، فاذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من ربها إذا هي في قعر بيتها " وأنها "ما التمست الْمَرْأَة وَجه الله بِمثل أَن تقر فِي بَيتهَا وَتعبد رَبهَا") وأنني كثيرا ما أكذب عليه وأحتال وأسقط حقوقه كاملة من حسابي، فعزمت على العودة إلى الحق، والاعتراف العملي بأن القوامة لزوجي فالله تعالى قد أراحني من البيع والشراء والذهاب والإياب وأنا التي جلبت الشقاء إلى نفسي. وكتبت رسالة لزوجي لعله يرجعني وأخبره بما حدث لي وأنني عازمة على الاستسماح منه عمليا قبل القول بأن يتغير سلوكي ويشاهده بنفسه قبل أن أحدثه، وأنني وجدت راحة نفسية من مرضي الذي كنت أعانيه وأنني في هذه الأيام لا أحس بتلك الأمراض.

أجابني زوجي بأنه لن يرجعني حتى يتأكد من حالتي بما لا يقل عن شهرين والحمد لله على اختياره لي.
وأنا بانتظار جواب زوجي راجعت محفوظاتي في طفولتي حينما كان والدي يحدثنا في درس عن ابن عباس رضي الله عنه وكيف وجهه النبي صلى الله عليه وهو غلام بقوله: " إذا سألت فاسأل الله" ولا زالت كلمات والدي حينما قال الذي يتجه إلى الله بسؤاله يسخر له خلقه، والذي يتجه بسؤاله إلى المخلوق يذله ولا يأتيه إلا ما كتب له. وكيف كنت أزن على زوجي ووالدي وأطالبهم وأجد من ذلك عنتا وحرجا وتعبا وأشعر بذل السؤال كيف لم أتجه إلى ربي جل وعلى الذي قال "ادعوني أستجب لكم" والأرزاق كلها بيده، فشارطت نفسي أن لا أسأل أحدا من المخلوقين حاجة. فأرسلت هذا الكلام لزوجي دعما لموقفي الذي أعلنته له لعله يراجع نفسه وما زالت في الدعاء أن الله يفتح على قلبه وقلبي.

وفعلا رجعني زوجي وتغيرت حياتي معه مائة وثمانين درجة، وأصبحت المرأة الهدية الرضية وصار بيتنا يخيم عليه الهدوء والمحبة والرضى والسعادة، وأصبحت أجد للحياة معنى، وأصبح زوجي يمارس حياته الطبيعية مع أولاده وأتخذه أداة لتهييب أطفالي إن أخطأوا، وتبين لي ضعفي وحاجتي الماسة في مشاركة زوجي في تربية الأولاد، وأهمية الموافقة له وعدم معارضته فعادت الراحة لأولادي وذهب التناقض في حياتهم، وتبين لي أنني كلما طاوعت زوجي وحققت له ما يحب حقق لي أكثر مما كنت أتمناه منه، واتضح لي عمليا بما لا يدع مجالا للشك أثر قراري في بيت على سعادة قلبي وأنس نفسي، والآن أجدني مع زوجي وأولادي (بدون أجنبي معنا سائق أو خادمة) في فرح وسرور كل يوم وكأننا في حديقة غناء، وأقول لهم كثيرا يا الله جمع الجنة، وتذكرت قول بعض السلف إن كان أهل الجنة في مثل ما نحن فيه من النعيم إنهم لفي نعيم طيب. وتبين لي أن المال ليس هو السعادة وتذكرت قول الشاعر:
ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد
وقال زوجي أشركي أولادك في عمل البيت فإنهم إن لم تشغليهم أشغلوك، وفعلا حينما أندت بعض الأعمال إليهم فرحوا في ذلك وأعانوني وأصبحت أعيش في شراكة معهم.

وكان لزوجي اهتمام خاصة في أقاربه وأرحامه فكان كثيرا ما يهديهم، فكنت إذا زرتهم فرحوا بي أيما فرح وفضلوني على كثير ممن حضر إليهم، فأجدوا السعادة والفرح، وعرفت أثر صلة الرحم وأثر الهدية على الناس إذا قصد بها وجه الله تعالى.

وتبين لي أن اختيار زوجي لملابسي أفضل من اختيار وأحسن ذوقا، فسألته فذكر لي أنه يحدد الهدف الذي دخل من أجله السوق ثم يمعن في الاختيار، بينما أنا كنت أدخل لأشتري بلوزة فأفتش في الأحذية أولا ثم في الشنط، وفي ملابس الأطفال، وهكذا حتى أتعب ثم أذهب لأنتقي البلوزة فأكون قد أنهكت فآخذ ما قرب مني، فتكون فرصة الاختيار ضعيفة جدا.

ثم عدت إلى أخطائي مع أمي وأبي:
وأني كنت أمثل أمامهم وأتمارض وأكثره في السابق كان جزعا لماذا أصاب بهذه الأمراض، وكنت أسخر من توجيهاتهما لي وأتصنع بقبولها منهم بعض الأحيان، وأدخل عليهم العنت من التعب، فعزمت أن أفرحهما ولا أشتكي من شيء أمامهما لعلمي أن من العقوق إخبار الوالدين بما تجده من مرض فإنه قد يزول مني ولا يزول منهما لمحبتهم لي، وقررت أن لا يكون حديثي أمامهما إلا بخير وبر وصلاح، وأن أكتم عنهم كل مرض يصيبني وأشكوا بثي وحزني إلى الله وحده فهو الشافي وهو الكافي.

ثم نظرت إلى أخطائي مع أقاربي
وإذا هي عظيمة جدا فلقد كنت أكثر الحديث عن الدنيا وأرغبهم فيها. وجل حديثي عن الملابس والأحذية وصبغات وقصات الشعر ومظاهر الناس. أيام اضمحلال الإيمان من قلبي وكما قيل (اللسان مغراف القلب)
وتذكرت أنني درست في أولى جامعة أن من أركان الإسلام عند العلماء، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فسألت نفسي متى حققت هذا الركن؟ بل الأخطر من ذلك أنني عكسته وتلبست بصفات المنافقين الذين قال الله عنهم: (يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف) فرأيت نفسي مسوقة لسلع وماركات شر البرية (اليهود والنصارى)، ومرغبة للنساء في عصيان الزوج ونشر الحيل في التمرد عليه بل التمرد على الأسرة والأب إلا إذا جاء على الكيف أو دفع، والفرح بتنازل بعض المتدينات والقدوات في لباسه والتطلع إلا أنهم يكونون مثلنا، وأكشف حسابات بعضهن بالانترنت فقلت في نفسي سبحان الله هذه نفس دعوة الفجار والفساق "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا"
كنت أقول لهم بكل بجاحة لا تلبسوا بناتكم إلا بقناعة خلها على كيفها وإلا تراه تفسد أكثر إذا كبرت " معنى هذا دعيها تفسد ودعها تعصي الله ، أين هذا من قول الله تعالى " يا أيها الذين آموا قو أنفسكم وأهليكم نارا" ومن قوله عليه الصلاة والسلام: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"
بل كنت أقول لبعض الملتزمات لو تدرين أن بعض البنات الموجودات ودهن يخربن بس قدامكم وعلى شانكم" المهم الذي عندي ليس ما يرضي الله المهم ما تقتنع به البنت فالشعار الذي أشيعه لنعمل ما نقتنع به لا ما يريده الله تعالى منا، فاللبس واللباس: مقياسه الهوى والشعور بالنقص وضعف الشخصية والانهزام أما الغرب الفاجر .
هكذا كنت اللهم تب علي واغفر لي مغفرة من عندك يا رحمن يا رحيم. اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله أوله وآخره سره وعلانيته، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت، اللهم أعني على ذكر وشكرك وحسن عبادتك، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، رب إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
*****
Nooruddeen غير متصل  
عدد 3 من الاعضاء يشكرون Nooruddeen على مشاركته الطيبة ويطلبون المزيد من هذه المشاركات الرائعة ويدعون له بالتوفيق
مشاهدة/اخفاء قائمة الشكر لهذه المشاركة

اخر 5 مواضيع للعضو Nooruddeen
الموضوع الاقسام الرد الاخير للعضو الردود مشاهده اخر مشاركة
تحديث 28-9-2023: مواقيت الصلاة على الساعات الذكية... منتدى الأخبار Nooruddeen 13 24249 07-01-2023 06:12 PM
وداعًا هكذا الدنيا ... المنتدى العام نصرالدين البلداوي 1 10728 04-03-2020 04:09 PM
بدأت اختبارات البطاريات الفائقة القادرة على تشغيل... منتدى الأخبار khaled7753 15 22276 07-01-2020 08:55 AM


اعلان

موضوع مغلق

العبارات الاستدلاليه
الانترنت, شراء


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الانتقال السريع إلى

جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 08:08 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.