تقص الرواية تجربة حقيقية لشاب حضري صيني مثقف عاش بضع سنوات مع البدو الرحل في منغوليا ... ومن خلال سردها للأحداث والأشياء غير المألوفة لنا في هذا المكان البعيد والغريب حيث العواصف الثلجية مع لهيب الصحراء والقتال المباشر مع قطعان أقوى الذئاب في العالم فإنك تكتسب نظرة جديدة كليا لحكمة الله (تينغر حسب المنغول) في خلق الكون ونواميسه والطبيعة التي سخرها الله لنا وطريقة تصرفنا فيها . فلطالما سمعنا ولاحظنا وناقشنا كيف أدى التطور إلى تلوث البيئة واستنزاف المصادر الطبيعية والتفكك الاجتماعي وانعدام القيم لكننا استمررنا في مواكبته بسرعة جنونية بلا مبالاة أو محاولات حقيقية لضبط الآثار السلبية لهذه القفزة العلمية والتقنية والسيطرة على مخلفاتها ، لكن الرواية طرحت هذه القضية بشكل مذهل يجعلك تعيد النظر كليا في أساليبنا التي نسميها متقدمة وعصرية .. ففي براري منغوليا على حافة الصحراء حيث البيئة حساسة جدا للجفاف وزيادة استهلاك المصادر الطبيعية والتخريب لذا كل فعل خاطئ من الإنسان تظهر نتيجته السيئة فورا ، وهو ما أكسب المغول انضباطا ومهارة وحكمة وقدرة جعلت هؤلاء الأميين البدو يتمكنون بمائة وعشرين ألف مقاتل فقط من إخضاع الصين شعب المائة مليون والحضارة والجيوش المنظمة ثم تجاوزوها ليقيموا امبراطورية من كوريا شرقا إلى بولندا غربا ومن روسيا شمالا إلى فيتنام جنوبا واجتاحوا ديار المسلمين حتى بغداد فلم يصمد أمامهم أحد، ويتسائل الكاتب الصيني : كيف أمكنهم ذلك ؟ فيجيب زعيم القبيلة المنغولي العجوز وهو يرقب معركة الذئاب في الصيد ليتعلم ما أودعه الله فيها من مهارات : المسألة تعتمد على ما إذا كنت ذئبا أم خروفا ! حكم تعلموها من تأمل الكون وسننه وقد وثقها الأستاذ يانغ رونغ في روايته الشيقة ليجعلك بمجرد متابعة قصص حياتهم المثيرة تفكر من جديد بطريقة فهمنا وتفكرنا في الخالق وخلقه ونواميس الطبيعة والدين والفلسفة والسياسة والحرية والاستبداد والاقتصاد والعلوم والبيئة والمجتمع والقيم والعادات وما هية التطور والتقدم الحقيقي .
رواية : رمز الذئب..(يانغ رونغ)
