السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
خاص بموقع
الكمبيوتر الكفي :
في منطقة صناعية عسيرة على الوصف بضاحية ألسيغوندو، ذات الشكل الشبيه بالصندوق، من ضواحي مدينة لوس انجلوس، و على بعد ميل او اثنين فقط من مطار المدينة الدولي، كان هناك عشرين شخصا يتوزعون على مقاعد مقصف بلا نوافذ ينتظرون بدء المراسم، بالخارج سطعت شمس فبراير مشرقة في يوم دافئ على غير العادة، لتغمر الفضاء بسناها، على نقيض الضوء الخافت بالداخل حيث يشع النور الوحيد من مصابيح الهالوجين التي تبرق في خفوت.
و كان الجمع يتجاذب اطراف الحديث بمزيج غريب من اللهجات، تغلب عليها اللهجة الأميركية، مع قليل من السويدية والروسية والاسبانية والبرتغالية، يمكن سماعها عبر أنحاء الغرفة. كان الجمع خليطا من الرجال و النساء ( و جلهم رجال )، يثرثرون قرب اطباق البيتزا و آلة بيع المشروبات الغازية ذات ال 75 سنتا. و في الركن ، كان مشغل موسيقي وامض عجيب الشكل يبعث الحانا ذات رنين معدني في فضاء المكان.
قد يبدو ذلك مشهدا عاديا بأي شركة إلى حد ما، لولا تدابير أمنية استثنائية توجب على الجميع من بالغرفة خوضها قبل الوصول، و هذا النوع من التدابير تجرى عادة في المنشآت النووية أو الزيارات الرئاسية، جعلت الأمور تبدو كضرب من الخيال العلمي او مؤامرة في فيلم حركة جديد بطله توم كروز، بينما في الواقع كنا على وشك ان نشهد حدثا خاصا لتجمع مجموعة من اﻷشخاص، من جميع أنحاء العالم، يحمل كل منهم مفتاحا من مفاتيح شبكة ﻹنترنت. و معا تخلق مفاتيحهم مفتاحا رئيسيا يسيطر على اﻹجراءات الأمنية المركزية في قلب شبكة الإنترنت. الشائعات حول مدى نفوذ حاملي المفاتيح كثيرة، هل يمكن لمفاتيحهم تعطيل الإنترنت؟ أو، إذا تمكن احدهم على نحو ما من اطفاء النظام بأكمله، هل يمكنه تشغيله مرة أخرى؟!.
منذ عام 2010، يجتمع حملة المفاتيح أربع مرات كل سنة، مرتين على الساحل الشرقي للولايات المتحدة ومرتين هنا في الساحل الغربي. الوصول إلى الحرم الداخلي لمقار اﻹجتماع ليس سهلا، ولكن في الشهر الماضي تلقيت دعوة لحضور المراسم و لقاء بعض حاملي المفاتيح، و هم مجموعة مختارة من خبراء الأمن من جميع أنحاء العالم. جميعهم يملكون خبرة طويلة في أمن الإنترنت و يعملون بمؤسسات دولية مختلفة. تم اختيارهم بناء على التوزع الجغرافي بجانب خبراتهم، و لا يسمح لدولة واحدة باكثر من حامل مفتاح، و يسافر هؤلاء لحضور مراسم اللقاء الدورية على حسابهم الخاص أو حساب ارباب اعمالهم.
ما يتحكم به حملة المفاتيح هو النظام في قلب شبكة الإنترنت، نظام أسماء النطاقات، أو DNS. هو بمثابة دليل الهاتف بالنسبة للانترنت، سلسلة من السجلات تربط عناوين الويب بسلسلة من الأرقام، هي عناوين IP. دون هذه العناوين، سيتوجب عليك معرفة سلسلة طويلة من الأرقام لكل موقع تود زيارته. للوصول لموقع الجارديان، مثلا، سيجب عليك إدخال ( 77.91.251.10 ) بدلا عن theguardian.com.
المفتاح الرئيسي، جزء من جهود عالمية جديدة لجعل نظام اسماء النطاق كله محميا وجعل الإنترنت أكثر أمنا. فكل مرة يجتمع فيها حاملي المفاتيح يجب عليهم التحقق من موثوقية كل هذه اﻷرقام لكل موقع ( بدليل الهاتف للإنترنت ). لمنع انتشار عناوين الويب الوهمية التي توقع الناس في فخ المواقع الضارة، التي تستخدم لإختراق أجهزة الحاسوب و سرقة البيانات الشخصية الثمينة.
المراسم التي تقام بالساحل الشرقي تارة و الغربي تارة تضم غالبا سبعة من حاملي المفاتيح، باﻹضافة لسبعة أشخاص آخرين مخول لهم الوصول الى التدابير الامنية اﻹستثنائية ﻹعادة بناء النظام، و التي تتأخذ في حال وقوع كارثة. كل فرد من حملة المفاتيح الاساسية اﻷربعة عشر بحوزته مفتاح معدني تقليدي لصندوق ودائع آمن، يحتوي على بطاقة ذكية، و التي بدورها تقوم بتشغيل الجهاز الذي يولد المفتاح الرئيسي الجديد. اما حملة المفاتيح اﻹحتياطية فمعهم شيئ مختلف قليلا، فالبطاقات الذكية في صناديق ودائعهم تحتوي على أجزاء من الشيفرة البرمجية اللازمة لبناء بديل لجهاز توليد المفتاح الرئيسي. مرة واحدة كل عام يقوم حملة المفاتيح اﻷحتياطية بإرسال صورة شخصية مع صحيفة ذلك اليوم والمفتاح، للمؤسسة التي تدير النظام، و هي مؤسسة آيكان (Icann)، مؤسسة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة، للتحقق من ان كل شيئ على ما يرام.
حقيقة كون منظمة آيكان غير الربحية الأمريكية المقر تتولى - بدلا من حكومة أو هيئة دولية - واحدة من أكبر الوظائف للحفاظ على أمن الإنترنت على مستوى العالم، تواجه لا محالة باﻹنتقادات. و لذلك تلجأ المنظمة لبث مراسم اﻹجتماعات الدروية مباشرة على موقعها الرسمي لإثبات مدى الجدية التي توليها لهذه المسؤولية الجسيمة.
بالنسبة للمبتدئين الوصول للمقصف يلزمهم المرور عبر باب يتطلب رقم سري و بطاقة ذكية باﻹضافة الى المسح البيومتري لبصمة اليد. اجتياز هذا الباب يوصلك الى ( الفخ )، و هي غرفة صغيرة بها باب واحد فقط يفتح مرة واحدة فقط في وقت معين. ثم تجرى سلسلة من التدابير تتضمن البطاقات الذكية، بصمات أيادي ورموز ليفتح الباب و تخرج من ( الفخ )، هانتذا الآن في طريقك لغرفة اﻹستراحة.
في الممر القصير المؤدي لغرفة اﻹستراحة، كان بانتظارنا ريك لامب، الموظف السابق بوزارة الخارجية. مرتديا بذلة أنيقة تناسبه تماما و نظارات ذات إطار أسود ( هو يعترف انه تأنق خصيصا لهذه المناسبة )، و اثناء ذلك صاح فيه أحد حراس الموقع ( رمزك اﻷمني هو 9925، صحيح؟ )، يجيب لامب ( حسنا، لقد كان ... ) بينما يقلب عينيه ناظرا اتجاهنا، و يغمغم بإبتسامة( لقد تم بالفعل تغييره ).
ريك لامب هو احد المدراء الكبار بإدارة برنامج آيكان. و يساعد في بناء و طرح النظام الامني الجديد للتحقق من شبكة الإنترنت، و هذا النظام الجديد يتم بنائه بسرعة و لكن لم يتم العمل به بعد. حاليا إذا فقد المفتاح الرئيسي أو سرق، قد لا تكون العواقب فاجعة، فبعض المستخدمين سيتلقون تحذيرات أمنية، و بعض الشبكات ستعاني من بعض المشاكل، ولكن ليس أكثر من ذلك. ولكن بمجرد اﻹنتقال للنظام اﻷمني الجديد، اﻷكثر أمنا ( و يتوقع ذلك في غضون السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة)، عواقب فقدان أو تلف المفتاح الرئيسي ستكون أخطر بكثير. ستظل الخوادم كلها كما هي، و لكن اﻹتصال سيتعطل تماما، و كل شيء سيفقد موثوقيته. النظام برمته، العمود الفقري للإنترنت، سيكون ضروريا إعادة بنائه على مدى أسابيع أو شهور. و لكن ماذا سيحدث اذا وضعت وكالة إستخباراتية أو هاكر أو منظمة إرهابية ما يدها على نسخة من المفتاح الرئيسي؟ من الممكن يتمكنوا من إعادة توجيه أهداف محددة لمواقع وهمية بهدف إستغلالها في اغراضهم.! حسنا وفقا ﻵيكان و حملة المفاتيح، هذا غير وارد.
بعد دخولنا لغرفة اﻹستراحة، توقف لامب بجانب رجل حاد الملامح تبدو عليه الفظاظة، ذلك هو ديمتري بوركوف، احد حملة المفاتيح. خبير الأمن الروسي و العضو المرموق في مجالس إدارة عدة منظمات إنترنت غير حكومية، و الذي طار من موسكو لحضور المراسم. يقول بوركوف ( الثقة تظل دائما هي النقطة الرئيسية للحكم على الإنترنت )، و يضيف ( بغض النظر عن موضوع اﻹجتماع، يتعلق اﻷمر دوما بالثقة. يواصل قائلا ( نظرا للتوترات بين روسيا والولايات المتحدة، تدعو روسيا لوضع منظمات جديدة كمسؤولة عن الانترنت، هل تثق في هذا النظام الحالي؟) ثم يشير لكل الغرفة ( إنهم أفضل جزء من آيكان ) ما فهمته من ذلك، أنه يعني أنه يحب هؤلاء الناس، وليس المنظمة على نطاق أوسع.
حان الوقت للإنتقال لغرقة المراسم نفسها، و التي تم أعدادها لتحتوى على أكثر المعلومات حساسية و سرية. لا يسمح بدخول الأجهزة اﻹلكترونية او خروجها من هذه الغرفة. و يحظر على حراس الأمن بالمبنى و كذلك عمال النظافة دخولها. للتأكد من كون الغرفة لائقة ﻹستقبال الزوار، كانت حاملة المفتاح السويدية آن ماري إكلوند ليوندر، قد قامت باليوم السابق، بنظافة الغرفة.
اﻵن، نحن على وشك نشهد، بداية سلسلة مفصلة لسيناريو محكم لأكثر من 100 إجراء، سجلت جميعها بالدقيقة باستخدام توقيت غرينتش. هذه الخطوات هي مزيج غريب من تدابير أمنية مشددة، زادت من مستوى التشويق السينمائي ( بطاقات مفاتيح، تركيبات آمنة، أقفاص آمنة)، إلى جانب تفاصيل فنية أخرى أكثر واقعية، كبعض العناء ﻹعداد طابعة، مع شيء من الهزل والقفشات. باختصار، فيما يشبه عالم شبكة الإنترنت نفسها.
بينما نخطو تجاه غرفة المراسم، كان بها جمع مكون 16 رجلا و اربعة نساء، انه وقت الغداء بلوس انجلوس و الساعة 21.14 بتوقيت غرينتش. بجانب حملة المفاتيح هناك العديد من الشهود هنا للتأكد ان لا أحد بمقدروه ايجاد باب خلفي مستتر ليعبث بالإنترنت. بعضهم من خبراء اﻷمن، و البعض الآخر منهم أشخاص عاديين، إثنان منهم من محاسبي شركة برايس ووترهاوس كوبرز ( بما أن التجارة العالمية على الإنترنت تدر ما يربو على تريليون دولار ، فالمفتاح يلعب دورا خطيرا في تأمين الاعمال التجارية). يستخدم ريك لامب ماسح قزحية متطور للسماح لجميعنا بالدخول. ينبعث صوتي آلي معدني:
( رجاءا ضع عينيك في المركز ) موجها الخطاب للامب.
( الرجاء الاقتراب قليلا من الكاميرا ... عذرا، لا يمكننا تأكيد هويتك )!
يتنهد لامب ويحاول مرة أخرى.
يعود الصوت المعدني قائلا ( شكرا لك، لقد تم التحقق من هويتك.)
ثم ندلف لغرفة فسيحة تشبه غرف اﻹنتظار في العيادات. حيث صفين من المقاعد المعدنية الثابتة في مواجهة مكتب، تماما كغرف انتظار الطبيب، الفارق هنا شبكة الكاميرات الموزعة في المكان لتقوم بالبث الحي للاحداث مباشرة على موقع آيكان. باحدى جوانب الغرفة يقبع قفص يحتوى على اثنتان من الخزائن عالية اﻷمان.
فرانسيسكو ارياس، مدير الخدمات التقنية بآيكان، هو المسؤول عن المراسم اليوم، للمرة اﻷولى، لذا كان يلقي نظرة على سيناريو اﻹجراءات بإستمرار. في البداية، سارت الامور وفقا للخطة الموضوعة. أرياس و أربعة من حملة المفاتيح ( المراسم تتطلب حضور ثلاثة على اﻷقل، وليس كل السبعة) قاموا بدخول القفص آمن لاسترداد بطاقاتهم الذكية المحفوظة داخل عبوات حفظ اﻷدلة ( كعبوات الأدلة التي تستخدمها الشرطة لحفظ أدلة الجرائم ). كان هؤلاء الاربعة في منتصف اعمارهم، يرتدون أقمصة تم فحصها و بنطالا من الجينز، من حملة المفاتيح، و هم البرتغالي جواو داماس، المقيم باسبانيا. اﻷمريكي إدوارد لويس، الذي يعمل بشركة للانترنت وتحليلات الأمن. والاوروغوياني كارلوس مارتينيز، الذي يعمل بالمركز اللاتيني الكاريبي لمعلومات الشبكة LACNIC، المختصة بسجلات الإنترنت لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. و الروسي ديمتري بوركوف.
كل حملة المفاتيح الواحد و العشرين عدا واحد فقط، ظلوا مع المنظمة منذ اول مراسم اقيمت بالماضي.و كانت عملية اﻷختيار المبدئية لهولاء بسيطة جدا. فقد نشر اعلان على موقع آيكان يضم فقط 40 استمارة تقديم، ليتم اختيار 21 منصبا منها. منذ ذلك الحين واحد فقط من حملة المفاتيح استقال من منصبه و هو اﻷمريكي فينت سيرف، أحد رواد و آباء اﻹنترنت. و هو اﻵن بالسبعينات من عمره و يعمل كرئيس شرفي للإنترنت بشركة جوجل.
في الساعة 21.29 انحرفت اﻷمور قليلا، قام التحكم اﻷمني بإغلاق باب الخزانة اﻵمنة، مثيرا مستشعر زلال، و الذي أدى بدوره ﻹغلاق الأبواب اﻵلية، ليحبس مسئول المراسم و حملة المفاتيح في قفص آمن مساحته 8 اقدام مربعة. مرت ست دقائق ثقيلة من الذعر قبل ان يصلوا لحل بإطلاق نظام الإنذار والإخلاء. فدوت صفارات الإنذار تصم اﻵذان فتدافع الكل للخروج و التجمع بالممر ، قبل العودة لمواصلة سيناريو اﻹجراءات المائة. كل انحراف في سير اﻹمور يتم تسجيله بوثيقة رسمية، يتوجب على جميع الحضور التوقيع عليها لاحقا. فإنتهزنا هذا التوقف لتناول وجبة خفيفة من البسكويت.
بعض اﻷحداث التي كشفت عن مراقبة بعض الجهات الحكومية لشبكة اﻹنترنت، لم ترضي شركاء منظمة آيكان بالخارج، فطالبت بعض الجهات و منها روسيا و البرازيل، بإصلاح كامل لكيفية إدارة شبكة الإنترنت، و اقترحت وضعها تحت رعاية الأمم المتحدة.
السؤال عمن وضع آيكان في موقع المسئولية يظل ساخنا دوما، يقول ريك لامب منافحا ( انه مجتمع الإنترنت، الناس هم من منحوا آيكان المسئولية ). اما حاملة المفتاح السويدية إكلوند ليوندر فكانت اكثر صراحة قائلة ( حسنا، أساسا، كانت وزارة التجارة الأمريكية ). و تضيف ( و ترغب المفوضية الأوروبية بتغيير هذا النظام، رغم ثقتها في آيكان، و دعا الاتحاد الأوروبي مؤخرا لجدول زمني واضح لعولمة آيكان ).
عند الساعة 22.09 بتوقيت غرينتش. عدنا لمواصلة ما انقطع من المراسم حسب ما ورد في السيناريو. تم إعداد اﻻلة ذات الأمان العالي جدا لتوليد المفتاح الرئيسي. بمجرد تفعيلها بواسطة البطاقات الذكية، ينتج ذلك رمز التشفير طويل. إذا تم اختراق الرمز، أو حتى مجرد محاولة اختراقه، تقوم اﻵلة بتدمير نفسها ذاتيا.
بعد إخراج كل شيئ من مكامنها اﻵمنة في الخزائن، ننتقل إلى الفصل الثاني من المراسم. توقيع المفتاح الرئيسي. الخطوة الأولى مألوفة لأي شخص - الحصول على كمبيوتر محمول وصله بالطاقة ثم تشغيله - بعض الشهود يراقبون عن قرب كصقور تراقب فرائسها. يسجلون كل خطوة تجرى . والبعض الآخر يسجل وقت كل خطوة بالتحقق من ساعاتهم و يهمسون مع من بقربهم.
في الساعة 22.40، تم إعداد مجموعة من محركات الأقراص USB، احداها سيتم استخدامها لتحميل المفتاح على الإنترنت الحي في نهاية المراسم . و حينها يتم تحميل رموز الخوادم التي تتحكم في اﻹمتدادات المألوفة مثل com, .net, .co و غيرها. ثم يتم فحص خلاصة الخطوات السابقة للمراسم، للتحقق من حصول الكل على المفتاح. و هذه الخطوة تتطلب من أرياس قراءة رمز يتألف من 64 عنصرا بصوت عال، بينما يؤمي الكل تاكيدا و هم يتحققون من اﻷوراق الموضوعة امامهم.
في الساعة 22.48 آلة التوليد عالية الأمان، و هي عبارة عن صندوق صغير رمادي، موصلة بلوحة مفاتيح مع منفذ ﻹدراج البطاقة بالجهة اﻷمامية، يتم إعدادها و توصيلها باﻷسلاك. و يتسلم كل حامل مفتاح بطاقته الذكية الخاصة. ثم، في الساعة 22.59، بعد نحو ساعتين من بدء المراسم، حان وقت العرض. اليخاندرو بوليفار، الخبير الأمريكي من شركة Verisign اﻷمنية التي تدير ( حزام الجذر ) لنظام أسماء النطاقات، يتقدم خطوات إلى الأمام لقراءة سلسلة غير مترابطة من الكلمات التي تم توليدها بواسطة المفتاح السابق. و يبدأ بقراءة كلمات مثل ( ضمان القدم المسطحة مصنع طوب كاميلوت ...... )
ويستمر بالقراءة لما يقارب دقيقة كاملة قبل ان يختم بقوله ( متشرد لعبة ورق ). و اثناء ذلك يقوم الشهود بتدوين ملاحظاتهم في أوراق و التوقيع عليها. ثم يتم ادخال شيفرة من التعليمات البرمجية في حاسب محمول في الساعة 23.02، و بعدها بثانية فقط يكتمل توقيع المفتاح الجديد، وسط تصفيق الحضور.
في غضون العشرين دقيقة التالية تتم سلسلة من الخطوات تتضمن إطفاء اﻵلة اﻵمنة و فصل الطاقة عن الحاسب المحمول. ثم يتم تسليم جهاز USB الذي يحتوى على المفتاح الرقمي الموقع لتومهوفمي أوكوبو، أحد موظفي آيكان. ينحني أوكوبو انحناءة خفيفة للحضور. لاحقا سيقوم أوكوبو بتمرير المفتاح على قناة آمنة بشركة Verisign. و هذا للمفتاح هو الذي يتيح الدخول المباشر لشبكة اﻹنترنت و يكون ساري المفعول لمدة ثلاث أشهر من تاريخ التوقيع. بعد ذلك، تنتهي صلاحية المفتاح وستبدأ رسائل الخطأ بالظهور على شبكة الانترنت. نظرا ﻹرتفاع مدى المخاطر، و كثرة الأهداف المحتملة، سالت أوكوبو، أتعتقد أن النظام جدير بالثقة؟ يجيب مؤكدا ( نعم. اعتقد ذلك ).
هل هذه المراسم الدورية ذات اﻹجراءات الغريبة و المشددة تؤدي الغرض منها؟ هل كل هذه اﻹحتياطات اﻷمنية واقعية أم انها لمجرد العرض فقط؟ يحيب على ذلك بروس شنير، خبير التشفير والأمن قائلا ( كثير منها ما هو ضروري فعليا، و بعضها مسرحي. أعتقد أن النظام مصمم بشكل جيد ).
بالعودة لغرفة المراسم، مرة اخرى تم تأمين حملة المفاتيح اﻷربعة في القفص مع الخزائن التي تحوى بطاقاتهم الذكية، التي تبقي هناك حتى يحين وقت استخدامها مستقبلا. كانت عقارب الساعة تشير الى 23.32 يحمل المحتجزين بطاقاتهم داخل عبوات جديدة لحفظ اﻷدلة عاليا امام الكاميرات ليتم تسجيل ذلك قبل إعادتها للخزائن اﻵمنة مجددا.
بحلول الساعة 00.06 بعد خمس ساعات كاملة من وصولنا للمكان. أخيرا حان الوقت لاغلاق كاميرات البث الحي. يتحقق لامب من عدد المشاهدين للمراسم. و بالختام يلوح الجميع بايديهم فقد تم تأمين شبكة اﻹنترنت لثلاث أشهر مقبلة، و يخرج حملة المفاتيح لتستقبلهم شمس لوس أنجلوس المشرقة.
■ الفقرة الخاصة بمن اوكل المسئولية لمنظمة آيكان، كانت ضرورية. ﻷن منتدانا هو تقني باﻷساس. ارجو عدم حرف مسار الموضوع بالتركيز على هذه النقطة كثيرا. و شكرا.
■ رغم طول المقال و لكني إتأريت نقله باكلمه - عدا فقرات قليلة حذفتها لعدم ضرورتها - نظرا للوصف الشيق و الاسلوب الجاذب للكاتب. و ارجو ألا يكون طوله مدعاة للملل.
المصدر مقال للكاتب الصحفي جميس بول بصحيفة الغارديان اﻹنجليزية اليومية