عرض مشاركة واحدة
قديم 03-12-2007, 02:54 PM   #25
مدور الخير
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: 07-11-2006
الدولة: الرياض
المشاركات: 228
مشاركات الشكر: 219
شكر 75 مرات في 37 مشاركات
زيادة شرح لمعنى البدعة

الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفضل القربات ، ومن الأعمال الصالحات ، كما ذكرت من قول الله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } (1) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه بها عشرا » (2) وهي مشروعة مطلقاً في جميع الأوقات ، ومتأكدة في آخر كل صلاة ، بل واجبة عند جمع من أهل العلم في التشهد الأخير من كل صلاة ، وسنة مؤكدة في مواضع كثيرة ، منها ما بعد الأذان (بصوت منخفض عن صوت الأذان مغاير له) ، وعند ذكره عليه الصلاة والسلام ، وفي يوم الجمعة وليلتها ، كما دلت على ذلك أحاديث كثيرة . لكن التزامها دائماً (هي أو غيرها من العبادات المطلقة) في وقت محدد أو مكان محدد لم يحددهما الله ولا رسوله فإن ذلك بدعة منهي عنها. حيث أن الإبتداع لا يكون بإحداث عمل لم يكن موجودا فقط بل يكون حتى بالغيير في عبادة موجودة أصلاً وذلك بإطلاق ما جاء به الشرع مقيدا أو تقييد ما جاء به الشرع مطلقاً ونحو ذلك.

وانتبه لا يغرك كون الصلاة على النبي مأمور بها كما في الآية التي ذكرت فإن ذلك لا يكفي بأن يكون دليلاً على جواز الصلاة على النبي بعد الأذان بصوت مرتفع متواصل مشابه لجمل الأذان لأن الأمر في تلك الآية الكريمة جاء مطلقاً وهذا ما لا خلاف بيننا فيه وإنما الخلاف في جواز فعلها بهيئة معينة في مكان معين.

ولذلك فإذا استفتيتك :
هل يجوز لي أن أصلي وأسلم على النبي أثناء الفاتحة في الصلاة بصوت مرتفع؟
سوف يكون جوابك لي :

لا يجوز ذلك سواء بصوت مرتفع أو منخفض؟
فإذا قلت لك :
لماذا؟
ستقول :

لأن ذلك لم يرد عن الله ولا عن رسوله فهو بدعة .

فهل يصلح بعد ذلك أن أقول أنا :
بل يجوز لأن الله قال { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } !!!

والآن تعال معي نبحث عن دليل من القرآن أو السنه على جواز الصلاة على النبي بعد الأذان بصوت مرتفع متواصل بجمل الأذان ومشابه لها . فهل سنجد دليلا ؟ الجواب أن يقال : لا يوجد دليل ! فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولم يقره ، ولا خلفاؤه الراشدون ، ولا غيرهم من الصحابة- رضوان الله على الجميع- ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة ، وهم أعلم الناس بالسنة ، وأكمل حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومتابعة لشرعه ممن بعدهم .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » (3) أي : مردود عليه .
وقال في حديث آخر : « عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة
» (4) .
ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع والعمل بها .


وإحداث البدع يفهم منه : أن الله سبحانه لم يكمل الدين لهذه الأمة ، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يبلغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به ، حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به ، زاعمين : أن ذلك مما يقربهم إلى الله ، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم ، واعتراض على الله سبحانه ، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين ، وأتم عليهم النعمة .
والرسول صلى الله عليه وسلم قد بلّغ البلاغ المبين ، ولم يترك طريقا يوصل إلى الجنة ويباعد من النار إلا بينه للأمة ، كما ثبت في الحديث الصحيح ، عن عبد الله بن عمرو رضي
الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم » رواه مسلم في صحيحه .

وشأن البدع شأن عظيم قد يكون في كثير من الأحيان أعظم من كبائر الذنوب وذلك لأمور منها:

1- أن عدم اتباع أمر الله بزيادة أو نقصان فيه عدم تعظيم لله جل وعلا . ( وانظر كيف تغضب إذا أمرت ولدك بأن يفعل كذا وكذا وكذا فأتى الولد بما لا تأمره بزيادة أو نقصان ! هذا وأنت مخلوق وليس لك على ولدك حق عبادة ولا طاعة إلا بالمعروف, فكيف بالخالق الذي له علينا حق العبادة والطاعة المطلقة !؟

2- قد لا يظهر أثر بعض البدع الصغيرة على الدين في وقت قصير ولكن بعد وقت طويل تجد الدين تغير بالكلية. فانظر لمن فتح باب البدع بعد وقت الصحابة كيف آل الحال ببعض أتباعهم اليوم إلى الخروج من الدين بالكلية فلا تجد عندهم من شعائر الإسلام الصحيحة شيئاً.

3- مرتكب المعصية وإن كانت كبيرة يعلم أنه على باطل وقد يتوب ويعود, بعكس مرتكب البدعة فإنه لا يتوب لأنه لا يراها من الباطل .

بقي أمر مهم وخطير ضل بجهله كثير من الناس وهو أنه ينبغي للعاقل أن لا يغتر بكثرة مَنْ يفعل أمرٍ ما من الناس ولو كانو ينتسبون للعلم ومنصبون للافتاء في سائر الأقطار ( كمسألتنا هذه والاحتفال بالمولد النبوي وغيرها) ، فإن الحق لا يعرف بكثرة الفاعلين ، وإنما يعرف بالأدلة الشرعية ، كما قال تعالى عن اليهود والنصارى : { وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (5) وقال تعالى : { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } الآية (6)

__________________
(1) سورة الأحزاب الآية : 56 .
(2) رواه الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة .
(3) متفق عليه ، ورواه أبو داود وابن ماجه عن عائشة .
(4) خرجه القاضي عياض في الشفاء عن العرباض بن سارية وزاد فيه : [ وكل ضلالة في النار ] .
(5) سورة البقرة الآية : 111 .
(6) سورة الأنعام الآية : 116 .
مدور الخير غير متصل   رد مع اقتباس
عدد 2 من الاعضاء يشكرون مدور الخير على مشاركته الطيبة ويطلبون المزيد من هذه المشاركات الرائعة ويدعون له بالتوفيق

اعلان