أول سؤال يتبادر لذهن المريض بعد وصف الدواء هو:
متى أتناوله ؟ قبل الاكل أو بعده؟
هنا تبرز أمامنا نقطة مهمة وهي أن الدواء المطلوب منه التأثير على نقاط دقيقة في أجسامنا يتأثر بالغذاء. فالدواء يؤثر في الغذاء والغذاء يؤثر في الدواء على تركيبته وعلى امتصاص الأمعاء له..
وهنا علينا النظر إلى عاملين يؤثران على امتصاص الدواء بفعل خلو أو امتلاء المعدة، وهي:
أولاً: سرعة أو بطء وصول الدواء إلى الأمعاء، والسرعة قد تكون مطلوبة في أنواع من الأدوية، بينما قد يكون البطء هو المطلوب في أنواع أخرى منها، وحينما نتناول حبة دواء على معدة خالية، فإنها ستصل إلى الأمعاء سريعاً، وهنا قد تمتصها الأمعاء سريعاً، وبالتالي تحصل "قمة" سريعة و وحيدة لارتفاع نسبة الدواء في الدم.
أما لو تم تناول تلك الحبة الدوائية على معدة مليئة بالطعام، فإنها ستصل إلى الأمعاء متأخرة نسبياً، وبكميات متتابعة، لأنها غالباً ما تكون قد ذابت في المعدة وامتزجت بالطعام فيها، وبالتالي فإن ارتفاع نسبة الدواء في الدم ستكون بطيئة، وستكون هناك أكثر من "قمة" لنسبة الدواء في الدم.
ثانياً: ذوبان قرص الدواء، وهو ما يشمل ذوبان الكبسولة أو الغلاف الذي يُحيط بكمية معينة من الدواء، ويشمل أيضاً الدواء نفسه، وصحيح أن تناول حبة الدواء على معدة خالية يعني وصولها سريعاً إلى الأمعاء، إلا أنه يعني أيضاً، وفي الغالب، أن لا تتمكن حبة الدواء من التفتت والذوبان الجيد، خاصة الأنواع الصعبة الذوبان منها، وبالتالي قد لا يستفيد الجسم من تناول الدواء، وفي المقابل، فإن ما يُميز المعدة المليئة هو أنها تُوفر فرصة لذوبان حبة الدواء، وتسهيل امتصاصها لاحقاً.
فنجد الأدوية هنا تنقسم لعدة أقسام:
القسم الأول: يؤخذ والمعدة خالية "لا يتحمل إفرازات الجهاز الهضمي ووجود الطعام" يعني قبل الأكل بساعة أو بعد الفراغ منه بساعتين, مثل:
المضادات الحيوية, أدوية قرحة المعدة.
القسم الثاني: يؤخذ والمعدة ممتلئة "يتحمل إفرازات الجهاز الهضمي والطعام" ويتم تناوله على معدة مليئة يعني أثناء أو بعد الأكل مباشرة,مثل:
الأدوية المضادة للالتهاب الستيروئيدية والغير ستروئيدية .
القسم الثالث: لا علاقة له بالطعام أو بإفرازات الجهاز الهضمي مثل:
مضادات الكآبة ,مضادات الحساسية.
تفاعل الطعام مع الدواء:
ومعلوم أن الأدوية التي يتم تناولها عبر الفم، يتم امتصاصها بالدرجة الأولى في الأمعاء، لأنها هي المكان المتخصص في القيام بعملية امتصاص الغذاء أو غيره، إلا أن هناك حالات يتم فيها إنتاج أدوية بهيئة تُسهل امتصاصها في الفم أو المعدة، ومعلوم أيضاً أن إتمام عملية امتصاص الدواء، يتطلب أن يذوب القرص أو الكبسولة، في البيئة السائلة للمعدة والأمعاء، وهو ما يتم بفعل الماء الذي نشربه عند بلع الدواء، وبفعل الإفرازات السائلة للعاب والمعدة والأمعاء,
ولذا فإن شرب الماء بوفرة مع الدواء ليس لتسهيل بلعه فحسب، بل أيضاً لتسهيل ذوبانه وامتصاصه.
ويُمكن لمكونات الغذاء الارتباط مع الدواء وفق آليات فيزيائية كيميائية، وبالتالي يغدو من غير الممكن، أو الصعب على الأمعاء امتصاص أي من الغذاء أو الدواء.