[drmetwalley]

يشترك المسلمون جميعاً في أمنية نيل فضل ليلة القدر ، و يجتهد الحريصون منهم في تحريها بأوصافها الزمانية و الكونية..

لكن اجتهد من جملة الحريصين من المسلمين بعض الفضلاء ، فقال بالجزم بثبات ليلة القدر في كل الأعوام و عدم تنقلها بين الليالي..
و كل ما بناه من بحث اعتمد على هذه الجزئية : ( ليلة القدر واحدة و ثابتة لا تتنقل و لا تتغير )

و أنها كانت و لا تزال إلى يوم القيامة : ليلة الثلاثاء الوتر !!

و إنهاءً للجدل المثار حول تلك الجزئية ، يُسأل سؤال بسيط

ما تأثير اختلاف المطالع "فلكياً"على تلك القضية ؟

و لا أقول باعتبار و عدم اعتبار المطالع شرعياً ( فذلك محل اختلاف )، إنما أقول من الناحية "الفلكية" و ليست الشرعية ..

ما تأثير اختلاف المطالع ؟؟


مثال بسيط :-

ماليزيا ، و المغرب

أو ماليزيا و مصر

أو جاكرتا و فيلادلفيا

فرق التوقيت يسمح باختلاف المطالع و لا شك

مطالع الهلال كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تختلف باتفاق أهل المعرفة بهذا العلم،
وإذا كانت تختلف فإن مقتضى الدليل الأثري والنظري أن يجعل لكل بلد حكمه.

فلهذا الاختلاف تأثيرات و لابد :-

التأثير الأول :- اختلاف بداية الشهر عن كل بلد بفرق يوم سابق أو لاحق

التأثير الثاني :- اختلاف نهاية الشهر كذلك

التأثير الثالث :- اختلاف ليلة القدر ، فقد تكون وترية في بلد شفعية في بلد آخر

و حينئذ يسقط كون ليلة القدر ثابتة في كل الأرض في نفس العام

و الأخ الفاضل اعتقد كذلك أن بداية رمضان يستحيل أن تكون يوم جمعة أو أحد

و على اختلاف المطالع ( الحتمي الضروري ) فرمضان على قوله يستحيل أن يأتى يوم سبت كذلك

لماذا ؟

لأنه إن أتى يوم السبت في جزء من الأرض ، فلابد من أحد حالين

أن يأتى في جزء آخر من الأرض يوم أحد أو يوم جمعة ، و هما مستحيلان عند الأخ الفاضل

فيلزم منه ألا يأتى رمضان يوم السبت كذلك أبد الدهر..حتى لا يصادف جزءاً من الأرض أحد يومين قبله أو بعده

و لا أعرف قولاً أشذ من ذلك

أن يقال :-

رمضان من المستحيل أن يأتى يوم جمعة أو أحد

و بالتالي لا يمكن أن يأتى يوم سبت كذلك

فاجتمع لنا ثلاثة أيام يستحيل على رمضان أن يوافقها

و هذا قول مصادم للعقل و التاريخ و لا أمارة عليه من الشرع

_____________________


هذا جزء


و الجزء الثاني

هل ليلة القدر متنقلة أم ثابتة ؟

في هذا خلاف بين العلماء.
والصحيح أنها تتنقّل فتكون عاماً ليلة إحدى وعشرين، وعاماً ليلة تسع وعشرين، وعاماً ليلة خمس وعشرين، وعاماً ليلة أربع وعشرين، وهكذا؛ لأنه لا يمكن جمع الأحاديث الواردة إلا على هذا القول، لكن أرجى الليالي ليلة سبع وعشرين، ولا تتعين فيها كما يظنه بعض الناس، فيبني على ظنه هذا، أن يجتهد فيها كثيراً ويفتر فيما سواها من الليالي.
والحكمة من كونها تتنقل أنها لو كانت في ليلة معينة، لكان الكسول لا يقوم إلا تلك الليلة، لكن إذا كانت متنقلة، وصار كل ليلة يحتمل أن تكون هي ليلة القدر صار الإنسان يقوم كل العشر، ومن الحكمة في ذلك أن فيه اختباراً للنشيط في طلبها من الكسلان.انتهـى كلام الشيخ ابن عثيمين







و قال ابن باز :-

والراجح أنها متنقلة في ليالي العشر كلها، وأوتارها أحرى، وليلة سبع وعشرين آكد الأوتار في ذلك..اهـ

و قال النووى:-

وأكثر العلماء على أنها ليلة مبهمة من العشر الأواخر من رمضان، وأرجاها أوتارها، وأرجاها ليلة سبع وعشرين وثلاث وعشرين وإحدى وعشرين، وأكثرهم أنها ليلة معينة لا تنتقل اهـ

و من بين 40 قولاً في ليلة القدر أفاد الحافظ ابن حجر أن أرجح الأقوال هو قول من قال بأنها تنتقل كما يفهم من أحاديث هذا الباب

_____________________

و الجزء الثالث :-

بعض اعتبارات علمية أنقلها بأصولها دون تفاصيلها لضيق الوقت :-

1-قال الحافظ ابن رجب في معرض كلامه عن علامات ليلة القدر :-

"واعلم أن جميع هذه العلامات لا توجب القطع بليلة القدر".


2-قال ابن عطية في تفسيره " المحرر الوجيز "

(فينبغي لمرتقبها أن يرتقبها من ليلة عشرين في كل ليلة إلى آخر الشهر؛ لأن الأوتار مع كمال الشهر ليست الأوتار مع نقصانه)

و هذا اعتبار مهم سها عنه الأخ الفاضل في بحثه

ألا و هو

ما تأثير كون الشهر 30 و كونه 29 ؟

مع ثبوت العشر الأواخر عشراً على الحالين ؟ فالعشر الأواخر عشر سواء كان الشهر 30 أو 29..

و إذا ضممنا لذلك كون بلدين مختلفين في المطالع

بل ماذا لو أن بلدين إحداهما كان رمضان فيها 29 و الأخرى 30 ؟

و هذا مع إعمال الحساب و النظر ، يفضى حتماً للقول بتنقل الليلة ، فماذا لو أضفنا اعتبار الجمع بين الأحاديث ؟

كل هذه مقدمات حتمية لنتيجة ضرورية ، هى تنقل ليلة القدر بين الليالي و أنها ليست واحدة في كل الأرض في نفس العام



_______________________


ختام الرد المختصر على دعوى كون رمضان لا يأتي يوم جمعة :-


جاء في صحيح مسلم من حديث كريب أن أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام

قال : فقدمت الشام فقضيت حاجتها , واستهل علي رمضان وأنا بالشام
فرأيت الهلال يوم الجمعة , ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ثم ذكر الهلال ,
فقال : متى رأيتموه ؟ فقلت : رأيناه ليلة الجمعة ,

فقال : أنت رأيته ؟ فقلت : نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية رضي الله عنه ,

فقال : لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه فقلت : أو لا تكتفي برؤية معاوية رضي الله عنه وصومه ,

فقال : لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي

فيه إثبات اختلاف المطالع

و فيه إثبات قدوم رمضان يوم الجمعة

و هذا يكفي و بالله التوفيق


~~~~~~~~~~~~

أما قياس الكسوف و الخسوف على ليلة القدر

فقياس مع الفارق ، بل عدة فوارق ( يضيق الوقت عن ذكرها )

و لا ينهض للاستدلال به على معلومية و تعيين ليلة القدر ، فضلا عن القطع و الجزم بذلك التعيين..

دوماً يعجبنى قول الإمام أحمد رضي الله عنه تلميذ الإمام الشافعي رضي الله عنه

( إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام )

و يعجبنى قول الإمام ابن عبد البر رحمه الله

( لا يكون إماماً في العلم من أخذ بالشاذ من العلم )

و الأقوال الشاذة دوماً تذهب مع أصحابها



______________

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا

اللهم تقبل منا

و اغفر لنا و ارحمنا

و استر عيوبنا و اجبر كسرنا و ارحم ضعفنا


~~~~~~~~~~~~~

مراجع مفيدة :-

1. http://www.ibnbaz.org.sa/mat/374
   
2. http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18079.shtml عند قوله :" وفي ليلة القدر مباحث-- المبحث الرابع "
   
3. "لطائف المعارف" لابن رجب
   
4. شرح النووى على مسلم
   
5. فتح الباري للحافظ ابن حجر
   
6. تفسير ابن عطية " المحرر الوجيز"
   
7. http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18009.shtml س393