عرض مشاركة واحدة
قديم 18-05-2013, 04:40 AM   #27
nourelhak
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: 05-12-2012
الدولة: القاهرة
المشاركات: 110
مشاركات الشكر: 78
شكر 44 مرات في 32 مشاركات

mabmed
إن كنت ستتحدث عن تنقيحات الشيخ بكر ، أنا لا أعلم منه هو
وإن كنت تريد طوام لسيد قطب فهاك ما تريد
أدب سيد قطب مع رسول الله وكليمه موسى - عليه الصلاة والسلام - :
قال فى كتابه : ( التصوير في القرآن ) ص 200 - 204
( لقد عرضنا من قبل قصة صاحب الجنتين وصاحبه ، وقصة موسى وأستاذه ، وفى كل منهما نموذجان بارزان ، والمثلة على هذا اللون من التصوير هى القصص القرآني كله ؛ فتلك سمة بارزة فى هذا القصص ، وهى سمة فنية محضة ، وهى بذاتها غرض للقصص الفني الطليق ، وها هو ذا القصص القرآن ، ووجهته الأولى هى الدعوة الدينية ، يلم في الطريق بهذه السمة أيضًا ، فتبرز في قصصه جميعًا ، ويرسم بضع نماذج إنسانية من هذه الشخصيات ، وتتجاوز الشخصية المعنية إلى الشخصية النموذجية ؛ فلنستعرض بعض القصص على وجه الإجمال ، ولنعرض بعضها على وجه التفصيل .

1- لنأخذ موسى ؛ إنه نموذج للزعيم المندفع العصبى المزاج .
فها هو ذا قد رُبي في قصر فرعون ، وتحت سمعه وبصره ، وأصبح فتًى قويًا .
( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ ۖ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ ) .
وهنا يبدو التعصب القومي ، كما يبدو الإنفعال العصبي .
وسرعان ما تذهب هذه الدفعة العصبية ، فيثوب إلى نفسه ؛ شأن العصبيين :
( قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ*قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِين ) ( القصص : 15 - 17 ) .
( فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ) ( القصص : 18 ) .
وهو تعبير مصور لهيئة معروفة : هيئة المتفزغ المتلهف المتوقع للشر فى كل حركة ، وتلك سمة العصبيين أيضا .
ومع هذا ، ومع أنه قد وعد بأنه لن يكون ظهيرًا للمجرمين ؛ فلننظر ما يصنه ... إنه ينتظر :
( فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ ) ( القصص : 18 )
مرة أخرى على رجل آخر ! ( قَالَ لَهُ مُوسَىٰ إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ) ( القصص : 18 ) .
لكنه يهم بالرجل الآخر كما هم بالأمس ، وينسيه التعصب والإندفاع استغفاره وندمه وخوفه وترقُّبه ، لولا أن يذكره به بفعلته ، فيتذكر ويخشي :
( فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ۖ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ) . ( القصص : 19 )
وحينئذ ينصح له بالرحيل رجل جاء من أقصى المدينة يسعى ، فيرحل عنها كما علمنا .
فلندعه هنا لنلتقى به فى فترة ثانية من حياته بعد عشر سنوات ؛ فلعله قد هدأ وصار رجلا هادئ الطبع حليم النفس .
كلا ! فها هو ذا يُنادى من جانب الطور الأيمن : أن ألق عصاك . فألقاها ؛ فإذا هى حيةٌ تسعى ، وما كاد يراها حتى يثب جريصا لا يعقبُ ولا يلوى ..... إنه الفتى العصبى نفسه ، ولو أنه قد صار رجلًا ؛ فغيره كان يخاف نعم ، ولكن لعله كان يبتعد منها ، ويقف ليتأمل هذه العجيبة الكبرى .
ثم لندعه فترة أخرى لنرى ماذا يصنع الزمن فى أعصابه .
لقد انتصر على السحرة ، وقد استخلص بنى إسرائيل ، وعَبَرَ بهم البحر ، وذهب إلى ميعاد ربه على الطور ، وإنه لنبي ، ولكن هاهو ذا يسأل ربه سؤالًا عجيبًا :
( قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي) ( الأعراف : 143 ) .
ثم حدث مالا تحمله أية أعصاب إنسانية ، بله أعصاب موسي :
( فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) ( الأعراف : 143 ) .
عودة العصبي في سرعة واندفاع !
ثم ها هو ذا يعود ، فيجد قومه قد اتخذوا لهم عجلًا إلهًا ، وفى يديه الألواح التى أوحاها الله إليه ، فما يتريَّث وما يني ،
( وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ) ( الأعراف : 150 ) .
وإنه ليمضي منفعلًا يشدُّ رأس أخيه ولحيته ولا يسمع له قولًا :
( قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) .
وحين يعلم أن السامري هو الذى فعل الفعلة ؛ يلتفت إليه مغضبًا ، ويسأله مستنكراً ، حتى إذا علم سر العجل :
( قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ) .
هكذا في حنق ظاهر وحركة متوترة .
فلندعه سنوات أخرى .
لقد ذهب قومه في التيه ، ونحسبه قد صار كهلًا حينما افترق عنهم ، ولقي الرجل الذى طلب إليه أن يصحبه ليعلمه مما أتاه الله علمًا ، ونحن نعلم أنه لم يستطيع أن يصبر حتى ينبئه بسرِّ ما يصنع مرة ومرة ومرة ، فافترقا ....
تلك شخصية موحدة بارزة ، ونموذج إنساني واضح في كل مرحلة من مراحل القصة جميعًا .

2 - تقابل شخصية موسي شخصية إبراهيم .... إنه نموذج الهدوء والتسامح والحلم :
( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ) ( هود : 75 ) .
فهو هو ذا في صباه يخلو إلى تأملاته ، يبحث عن إلهه .
( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ( 78 ) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ(79) وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80) ( سورة الأنعام : 76: 80 ) .
وما يكاد يصل إلى هذا اليقين حتى يحاول في بر وود أن يهدي إليه أباه ، في أحب لفظ وأحياه :
( يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا( 42 ) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا( 43 ) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً (45) ( مريم : 42 : 45 ) .
ولكن أباه ينكر قوله ، ويغلظ له في القول ، ويهدده تهديدًا :
( قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ) ( مريم : 46 ) .
فلا يخرجه هذا العنف عن أدبه الجمَّ ، ولا عن طبيعته الودود ، ولا يجعله بنفض يديه من أبيه .
( قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ﴿٤٧﴾ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ﴿٤٨﴾ ) ( مريم : 47 - 48 ) .
ثم ها هو ذا يحطم أصنامهم ، ولعله العمل الوحيد العنيف الذي يقوم به ، ولكنه إنما تدفعه إلى هذا رحمة أكبر ، عسى أن يؤمن قومه إذا رأوا آلهتهم جُذاذًا ، وعلموا أنها لا تدفع عن نفسها الأذى ، ولقد كادوا يؤمنون فعلًا :
( فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ) ( الأنبياء : 64 ) .
ولكنهم عادوا فهموا بإحراقه ، وحينئذ ( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) ( الأنبياء : 69 ) .
ولقد اعتزلهم عهدًا طويلًا مع النفر الذى آمن معه ، ومنهم ابن اخيه لوط ..... )

هذا كلام سيد قطب من كتابه( التصوير الفني في القرآن ) ص 200- 204
_____________

قال الله في شأنه : عليه الصلاة والسلام :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا ۚ وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا (69) (الأحزاب)

nourelhak غير متصل   رد مع اقتباس

اعلان